الرئيسية / المكتبة الصحفية / عبد العزيز الأهواني.. الأب الروحي لأساتذة الأدب اليساريين

عبد العزيز الأهواني.. الأب الروحي لأساتذة الأدب اليساريين


الدكتور عبد العزيز الأهواني (1915 ـ 1980) هو أحب أساتذة الأدب العربي الأكاديميين إلى اليسار واليساريين جميعا، فقد اتسع صدره لليساريين، وكان قُدوة لهم في تشجيع توجهاتهم القومية التي تخرج بالآداب العربية من محيطها الفني إلى توجهات سياسية تقدمية، وذلك على الرغم من تخصصه في الأدب الأندلسي فيما بدا وكأنه كفيلا له بأن يكون بعيدا عن الأدب الحديث في البلاد العربية، لكن طابع التقدمية في فكره كان واضحا إلى حد كبير، وكان بيته بمثابة مجتمع كامل يجتمع فيه تلاميذه ومريدوه في حلقاتهم النقاشية الدائبة حول الأدب والسياسة والشأن العام فقد عاش بلا زواج وهكذا كانت مساحة تلاميذه في حياته أوسع منها مع أي من أنداده.

أُتيح للدكتور عبد العزيز الأهواني تكوين نادر في أول حياته حيث تخرج في كلية الآداب 1938 في الدفعة التي ضمت أيضا الدكتور عبد القادر القط ولم تكن وظائف المعيدين قد أُتيحت على نطاق واسع وهكذا كان الأساتذة يجدون لتلاميذهم الواعدين وظائف مُشابهة لوظائف المُعيدين تُمكنٌنهم من بقاء اتصالهم بالعلم والبحث والمنبع العلمي، هكذا فإن الدكتور شوقي ضيف (دفعة 1935) بدأ محررا بالمجمع اللغوي والدكتور محمد طه الحاجري (دفعة 1936) بدأ طالب بحث، أما الدكتور الأهواني فقد عُيٌن عضوا في لجنة تحقيق “كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة” لابن بسام وهكذا أصبح الدكتور عبد العزيز الأهواني على صلة مباشرة مع أساتذة كبار من طبقة طه حسين رئيس اللجنة ومصطفى عبد الرازق وأحمد أمين وعبد الوهاب عزام، وقد استمر عمل الأهواني مع هذه اللجنة ست سنوات كاملة، أخرجت اللجنة ثلاث مجلدات من هذا الكتاب القيم في أعوام 1939 و1942 و1945 بواقع مجلد في كل 3 سنوات، وأحاط الأهواني بالأدب الأندلسي والتراث الأندلسي إحاطة مكنته من أن يكون بعد هذا من أعلام الدراسات الأندلسية على وجه الخصوص.


أتم الدكتور عبد العزيز الأهواني دراسة الماجستير في الموشحات الأندلسية (1947) وسجل للدكتوراه عن الزجل في الأندلس، وأُتيح له السفر إلى إسبانيا لأربع سنوات (1947 ـ 1951) حيث درس الإسبانية واتصل بالمستشرقين الإسبان عن قُرب، كما تعرف على المخطوطات العربية في مكتبة الاسكوريال ومكتبة مدريد الوطنية، وشارك في تأسيس المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد، وعين وكيلا لهذا المعهد فأصبح أول من عُين وكيل له وهو المنصب الذي خلفه فيه فيما بعد زميله الدكتور محمود علي مكي. حصل الدكتور عبد العزيز الأهواني على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة (1953) ونشرها في كتاب بعنوان “الزجل في الأندلس”. وعلى نحو ما هو منتظر من أساتذة الآداب الغربية والأجنبية على وجه العموم فقد وفى الدكتور عبد العزيز الأهواني بما كان متوقعا منه في مجال الترجمة والتحقيق.

ففي مجال الترجمة
ــ ترجم الجزء الأول من دون كيشوت.
ــ مختارات من الشعر الإسباني: العصر الذهبي.

وفي مجال التحقيق والدراسات الأدبية:
ــ المقتطف من أزاهر الطرف لابن سعيد المغربي (1948).
ــ مخطوطان جديدان من صلة الصلة لابن الزبير، والذيل والتكملة لابن عبد الملك (1955).
ــ مسائل ابن رشد (1958).
ــ نصوص عن الأندلس من جغرافية العذري (1955).
ــ ألفاظ مغربية في كتاب ابن هشام في لحن العامة (1957).
ــ أمثال العامة في الأندلس.
ــ على هامش ديوان ابن قزمان (مقالات في مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد).

أما خارج نطاق الدراسات الأندلسية:
ــ ابن سناء الملك ومشكلة العقم والابتكار في الشعر (1962).
ــ أزمة الوحدة العربية.

اختير الدكتور عبد العزيز الأهواني ليكون مستشارا ثقافيا لمصر في المغرب، كما اختير وكيلا لوزارة الثقافة ورئيسا لمؤسسة المسرح، كما اختير أمينا للشعبية القومية لليونسكو. نشر الدكتور محمود علي مكي دراسة رائعة عن الدكتور الأهواني في أول أعداد مجلة فصول (أكتوبر 1980) وأهدت أسرته مكتبه إلى مكتبة جامعة القاهرة، وظلت المكتبة حبيسة المخازن إلى أن افتُتحت مع مكتبة الأستاذ المازني في 2017 في المكتبة التراثية لجامعة القاهرة.

نال الدكتور عبد العزيز الأهواني جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1980 مع الدكتور عبد الحميد يونس (خريج دفعة 1940 من قسم اللعة العربية نفسه) في أول عام من الأعوام التي مُنحت فيه هه الجوائز بعد زيادة عددها إلى ثلاث بدل من واحدة. وبهذا كان الدكتور الأهواني وعبد الحميد يونس رابع وخامس خريجي قسم اللغة العربية في آداب القاهرة الذين وصلوا إلى جائزة الدولة التقديرية عقب الأساتذة الثلاثة الأوائل: سهير القلماوي في 1977 وعائشة عبد الرحمن في 1978 وشوقي ضيف في 1979 في تعاقب طريف، ومن الطريف أن العام التالي مباشرة (1981) شهد نيل ثلاثة للجائزة التقديرية في الآداب لم يكونوا من أساتذتها الأكاديميين وإن كانوا ذوي علاقة بكلية الآداب وهم الأستاذ صلاح عبد الصبور الذي تخرج من قسم اللغة العربية لكنه لم يسلط السلك الأكاديمي والأستاذ أمين منصور الذي تخرج من قسم الفلسفة، الأستاذ محمود شاكر الذي كان سابقا على هؤلاء جميعا في الدراسة في قسم اللغة العربية لكنه ترك الكلية حين دفعه ضميره ألا يقبل بما كان طه حسين ينقله عن مرجليوث من الشك في الشعر الجاهلي فتفرغ للدراسة والبحث وبنى مدرسته العلمية الخاصة به.

 

 

 

 

 

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com