17/7/2019
يُمثل الدكتور عبد الحميد يونس (1910 ـ 1988) قصة كفاح عبقرية لنجم من أبرز مُتحدي الإعاقة، فقد كان قد فقد بصره قبل أن يُكمل السادسة عشرة من عمره لكنه واصل الدراسة حتى استطاع أن يتخرج في كلية الآداب وهو في الثلاثين من عمره (1940) ثم قاد خطوات واثقة في الدراسات العليا جعلته يعمل في الأستاذية ويُثبت جدارته فيها على نحو بارز، بل إنه أصبح رابع الأساتذة المُتخرجين في قسم اللغة العربية من كلية الآداب حصولا على جائزة الدولة التقديرية في الآداب فقد حصل عليها مع الدكتور عبد العزيز الأهواني دفعة (1938) في عام 1980 بعد أن حصل عليها كل من الدكتور سهير القلماوي (1977) وعائشة عبد الرحمن في (1978) وأحمد شوقي ضيف (1979)، وثلاثتهم سابقون عليه في التخرج وإن كانوا قد ولدوا بعده: فالدكتورة سهير من دفعة 1933 والدكتور شوقي من دفعة 1935 والدكتور عائشة عبد الرحمن من دفعة 1939.
هكذا أثبت الدكتور عبد الحميد يونس مكانة مُتقدمة في الحياة الثقافية العامة وقد أكد عليها أيضا فيما بعد سنوات قليلة بحصوله على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (1985). كان من حظ الدكتور عبد الحميد يونس أن تتلمذ للأستاذ أمين الخولي الذي كان أول من شغل أستاذية كرسي الأدب المصري، وبإشرافه حصل الدكتور عبد الحميد يونس على الماجستير برسالة عن سيرة الطاهر بيبرس (1946) ثم على الدكتوراه برسالة “الهلالية في التاريخ والأدب الشعبي” (1950).
أُتيح أيضا للدكتور عبد الحميد يونس أن يكون أول من يشغل كرسي أستاذية الأدب الشعبي في آداب القاهرة عند إنشائه في (1957) وبهذا انتقل من الترجمة إلى أستاذية الكرسي في سبعة عشر عاما فقط. عند بلوغه الستين عمل أستاذا في جامعة الرباط (1970-1973). كانت حياة الدكتور عبد الحميد يونس أوسع بكثير من التزامه المخلص بواجبه الأكاديمي أو الدراسي فقد شارك منذ مرحلة مُبكرة من حياته في الإنجاز الثقافي المتميز ويكفي أن نذكر مشاركته مع زميليه العظيمين الأستاذين الكبيرين إبراهيم زكي خورشيد وعبد الحميد الشنتناوي في ترجمة دار المعارف الإسلامية.
كذلك كان الدكتور عبد الحميد يونس من الذين اتصلوا بالصحافة العامة والثقافية على حد سواء وقد كتب في مجلة “المجلة الجديدة” التي كان يُصدرها الأستاذ سلامة موسى، بل إنه أصدر مجلة “الراوي الجديد” (1935) وفي عهد الثورة كان هو الذي وقع عليه الاختيار ليرأس تحرير مجلة الفون الشعبية في إصدارها الأول (1965). لا تزال كتابات عبد الحميد يونس في الأدب والنقد الشعبي متقدمة على كل الدراسات المعاصرة بفضل تعمقه في فهم الدلالات وعلاقاتها بالمجال الفني، وبفضل تعمقه في دراسة علاقة هذه الفنون مع التاريخ كما أنه عني بدراسة البيئات التي كتبت فيها السير أو رُويت، كما يُذكر له بكل التقدير انتباهه الذكي والمُبكٌر إلى دراسة فن خيال الظل دراسة علمية ناقش فيها نصوص مؤلفه محمد بن دانيال الكحال. يذكر للدكتور عبد الحميد يونس أيضا أنه درس ظاهرة الانتحال في الفنون الشعبية كما درس أطياف الفولكلور فيما بين العلم والميثولوجيا.
أبرز مؤلفاته:
ــ الحكاية الشعبية 1968
ــ الأسطورة والفن الشعبي 1980
ــ دفاع عن الفلكلور 1972
ــ خيال الظل 1963
ــ الأسس الفنية للنقد الأدبي 1958
ــ فن القصة القصيرة في أدبنا الحديث
ــ الأدب المغربي المُعاصر (بالاشتراك مع فتحي حسن المصري).
ووصل الدكتور عبد الحميد يونس في تأصيله العلمي إلى أن وضع معجما لمصطلحات الفولكلور، تجلت عبقرية الدكتور عبد الحميد يونس أيضا في مجال الترجمة الذي اكتسب خبراته المتقدمة فيه في شبابه حين اشترك مع زميليه في ترجمة دائرة المعارف الإسلامية وقد ظل يُمارس من آن لآخر باقتدار وتمكن، واشترك في ترجمة (أعمال) شكسبير في مشروع اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية فكان هو الذي ترجم “سيدان من فيرونا” 1960.
كذلك ترجم الدكتور عبد الحميد يونس “حكايات كانتربري” 1963 بالاشتراك مع الدكتور مجدي وهبة عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب الإنجليزي. وللدكتور عبد الحميد يونس عمل مهم يجمع بين التجربة والأدب الشعبي المقارن وهو ترجمته للأسفار الخمسة البنجا تنترا 1980 فقد قدم مع هذه الترجمة دراسة مقرنة لهذه الأسفار مع كتاب كليلة ودمنة.
تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا