الرئيسية / المكتبة الصحفية / يحيى حقي المبدع الوحيد الذي نال جائزة فيصل كبرى الجوائز العربية

يحيى حقي المبدع الوحيد الذي نال جائزة فيصل كبرى الجوائز العربية

يعرف القراء جميعا أن قنديل أم هاشم (صدرت 1944) نجحت نجاحا ساحقا من خلال الرمزية (القريبة من المباشرة) في أن توضح موقف العرب من الحضارة الحديثة، فهو موقف يقبل بأن تكون الحضارة الوافدة عنصرا من عناصر الحضارة التي يعيشها العرب ويرفض أن يكون الوافد بها ممثلا للتعالي الأوربي على المجتمع الشرقي وجوهر تقاليده، هكذا عرض يحيى حقي بذكاء شديد إشكاليات الهوية وعلاقتها بالإيجابيات والسلبيات، ولهذا ترجمت قنديل أم هاشم إلى عدد من اللغات الأوروبية ولقيت ترحيبا واسعا بقدرة مؤلفها على تناول هذه الإشكالية.

  

أما براعة يحيى حقي في البوسطجي فتمثلت في إجادته اللجوء إلى شخصية البوسطجي ليقوم بدور الراوي الواعي للقصة وأحداثها ودلالاتها، فقد صور البوسطجي مُعانيا من أوقات الفراغ حتى إنه بدأ يتلصص على قراءة خطابات ترسلها فتاة إلى حبيبها، وخطابات خطيبها إليها، وتسبب هذا البوسطجي عن غير قصد في قطع الصلة بين الفتاة وخطيبها وافتضاح أمر حبهما، وبذلك نجح يحيى حقي كما يقول الدكتور حمدي السكوت في توريط البوسطجي نفسيا وقانونيا في أحداث القصة وأكسب القصة بذلك توترا وتلاحما ودرامية بعيدا عن الوعظ المباشر، كما أنه نجح في الارتقاء بلغة البوسطجي لتصور كثيرا من اللوحات بالشاعرية العالية والذوق الراقي

أما أولى القصص التي نشرها يحيى حقي كانت هي قصة “فله ومشمش ولول” في صحيفة الفجر (15 يوليو 1926)، ومن الطريف أن يحيى حقي (ومعه الدكتور حسين فوزي إلى حد ما) كانا هما من أحيا الاهتمام بالمدرسة الحديثة ودورها في نشر القصة القصيرة في مرحلتها الأولى التي سماها يحيى حقي بالفجر، مشيرا إلى بدايات اليوم في الفجر ومستغلا ما هو أهم من هذا وهو أن هذا الفجر من القصص كان ينشر في مجلة الفجر التي نشر هو نفسه فيا أولى قصصه كما أسلفنا.

 

توالى نشر قصص يحيى حقي في الفجر والسياسة والسياسة الأسبوعية والمجلة الجديدة وإلى هذه المجلة الجديدة يعود الفضل في نشر البوسطجي في ملحق عام 1934.. وقد نشرت البوسطجي بعد هذا ضمن مجموعته القصصية “دماء وطين” التي تصور حياة الصعيد من واسع خبرته في منفلوط طيلة عامي 1927 و1928. ليحيى حقي رواية قصيرة أخرى مهمة هي “صح النوم” ترجمت إلى الإنجليزية.

 

أما لوحات يحي حقي القلمية كما يسميها هو، فتمثل نمطا بديعا من الابداع ربما نراه منتشرا بصورة اوسع في أجيال قادمة من الأدب الذي بدأ يتحرر من شكليات كثيرة، وقد وصف الدكتور حمدي السكوت نجاحه في هذا النوع من الكتابة فقال: “ولما كانت شخصية يحيى حقي ذكية مرحة بسيطة شديدة التواضع واسعة الثقافة والتجارب متعاطفة مع المهمشين والطبقات الشعبية بعامة فقد ملأت صدور الناس إعجابا بها وحبا وتقديرا لها، ولعل هذا يفسر لماذا انصرف يحيى حقي عن القصص تقريبا وانصرف إلى هذه اللوحات”.

 

كانت لغة يحيى حقي راقية لكنها تطعم نفسها بالعامية الدارجة التي تمتلأ بالطافات التعبيرية المفهومة لدى الجمهور.

ــ خليها على الله 1956

ــ دمعة فابتسامة 1965

ــ ناس في الظل 1971

  

كتاباته في الرحلات

ــ حقيبة في يد مسافر

 

مؤلفاته النقدية

ــ خطوات في النقد 1961

ــ عطر الأحباب 1971

ــ فجر القصة المصرية 1959

 

مارس الأستاذ يحيى حقي الترجمة بنجاح واقتدار:

ترجم مسرحية جول رومان “الدكتور كنوك”  وقد نشرت في سلسلة روائع المسرح

ترجم “القاهرة” ديزموند ستيوارت (1961)

اشترك في ترجمة “دكتور زيفاجو” رواية باسترناك.

  

تزوج يحيى حقي مرتين، كانت الأولى من السيدة نبيلة عبد اللطيف سعودي والدة ابنته الوحيدة السيدة نهى، وقد رشحها له أصدقاؤه، وكان والدها عضو بمجلس النواب عن الفيوم وقد عرف في عصره بأنه نسابة، وقد توفيت هذه الزوجة بعد إنجاب ابنتها ظل يحيى على ذكراها عشر سنوات إلى أن تزوج السيدة جان ميري جيهو وهي فنانة فرنسية في الرسم والنحت.

  

من الطريف أن والدي يحيى حقي سموا أبناءهم على أسماء الأنبياء بالترتيب الذي لم يخالف التعاقب الزمني للأنبياء إلا في حالة يحيى فقط، وقد كان أخوه الأكبر إبراهيم يعمل في الخاصة الملكية ثم شركة فيليبس، ثم إسماعيل الذي عمل بالتعليم ثم في جامعة الملك سعود ثم يحيى الذي جاء في الترتيب الثالث على حين أن شقيقه الرابع سمي زكريا (الذي هو كما نعرف والد النبي يحيى) وكان شقيقه زكريا قددرس الطب وعمل في وزارة الصحة أما الشقيق الخامس موسى فحصل على الماجستير في السينما وعمل في احدى مؤسسات السينما. أما جده ابراهيم حقي (توفي 1890) فكان قد وصل إلى منصب وكيل مديرية البحيرة وأما والده محمد حقي فكان موظفا بوزارة الأوقاف وأما عمه محمود طاهر حقي فأديب معروف (1884 ـ 1965)

 

نال يحيى حقي وسام الفارس من الطبقة الأولى من فرنسا (1983) ونال الدكتوراه الفخرية من جامعة المنيا (1983) وجائزة الملك فيصل (1990)، وكان يحيى حقي أول من نال جائزة الملك فيصل للأدب العربي من المبدعين وذلك حينما منحت هذه الجائزة في القصة القصيرة (1990) على الرغم من أنها في الدورات الأولى منذ 1979 وحتى 1989 منحت للدراسات والمؤلفات. وكانت هذه الدورة الثانية عشرة للجائزة والدورة التاسعة التي تمنح فيها (فقد حُجبت في دوراتها الأولى والسابعة والتاسعة).

 

اختير يحيى حقي على الدوام ليكون عضوا في مجالس الثقافة العليا ولجانها الحاكمة ولم يُعرف عنه في أي وظيفة من هذه الوظائف إلا كل الفضل وكل الخير.

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com