لو كان أشرف مروان عميلا مصريا فقط أو عميلا مزدوجا لدافع عن نفسه وهو حي، لكنه لم يبذل أي جهد في هذا الموضوع إلا مع حلفائه الإسرائيليين وكان موقفه معهم وهو يستجديهم إنقاذ ماء وجهه ضعيفا فلم يكن يملك ما يهددهم به، وفي المقابل فقد كان قد تقاضى كل أتعابه واستوفاها، (ونحن نقصد الأتعاب المالية وغير المالية)، ومع هذا وبحكم تقاطع المصالح فإن مدير المخابرات العامة الإسرائيلية هاجم من أجله مدير المخابرات الحربية الإسرائيلية، ووصلت الأمور إلى المحكمة، وكان حكم المحكمة في نزاع هذين الرجلين الذين كانا مديرين لجهازي المخابرات الإسرائيليين تأكيدا جديدا على جاسوسية أشرف مروان.
ومع كل هذا الوضوح في رؤيتي لجاسوسيته المؤكدة فإني من باب الإنصاف أرى أنه لا يمكن توجيه أي لوم لأجهزة المخابرات العامة (والخاصة) في هذا الموضوع فقد كان نشاطه وكانت تحركاته خارج نطاق عملها تماما بل إني أقول إن أي محاولة للومها ظلم؛ وكذلك أي محاولة لتوريط رجالها السابقين في الشهادة الصحفية أو الفضائية بأنه كان رجلا وطنيا، كما أن أي محاولة للي عنق الحقيقة تمثل إهانة للعقل ولهذا فإني لا أزال أكرر أنه لا ذنب للأجهزة في عدم اكتشاف جاسوسية أشرف مروان.. فالموضوع كان خارج نطاق صلاحيات هذه الأجهزة.
كان رأيي المتواضع الذي أبديته بكل وضوح وهدوء منذ أكثر من 15 عاما لمن يحاولون إنقاذ ماء وجهه إنكم لو أردتم القول بأنه وطني صميم، أو لو أردتم القول بأنه عميل مزدوج فقد كان (ولا يزال) بإمكانكم الإسراع بعمل مسلسل أو فيلم وأنتم (حتى على مستوى عائلته) تملكون شركات الإنتاج ومن ناحية أخرى سارعوا فارفعوا قضية على وسائل الإعلام، أما إذا كنتم تعتقدون الحقيقة وهي أنه أخطأ فترحموا على وطنه وعلى الشهداء. وفي كل الأحوال فإني بناء على ما هو متاح من الحقيقة أعتقد أن الذين يقولون أنه عميل مزدوج مصممون على خداع أنفسهم بعقدة الاستعلاء، وفي المقابل فإن الذين يقولون إن إسرائيل هي من اختارته وجندته ووظفته مصممون على خداع أنفسهم بعقدة البارانويا.