الرئيسية / المكتبة الصحفية / أسبق السياسيين إلى تأييد رئيس الوزراء الإيراني مصدق

أسبق السياسيين إلى تأييد رئيس الوزراء الإيراني مصدق

كان الزعيم الوطني العظيم مصطفي النحاس باشا أسبق السياسيين في العالم كله إلى تأييد الثائر الإيراني العظيم الدكتور مصدق في إجراءاته الاستقلالية والإصلاحية في إيران، بل إنه -وهذا هو وجه العظمة التي لم تعرفها مصر بعده- أعلن أن مصر لن تسمح بأي حال من الأحوال ولأي سبب بأن تستخدم بريطانيا قواعدها في قناة السويس لمهاجمة إيران، كما أعلن أننا سنمنع بالقوة مرور أية سفينة حربية في قناة السويس إذا كانت متجهة إلى إيران لمهاجمتها.

ثم فاجأ النحاس باشا العالم والزعيم مصدق نفسه بأن عقد معاهدة مع مصدق يشجعه بها ويضعها في وجه خصومه حتى يسير في طريقه إلى النهاية وينفذ خطته، وقد كان مصدق هو الآخر على مستوى الموقف فقطع علاقة إيران بإسرائيل بمجرد عودته إلى إيران. ولنقرأ هذه التفاصيل المشرفة التي نتقاسم روايتها واختصارها من حوار إبراهيم باشا فرج والأستاذ حسنين كروم كاتب مذكراته:

“حسنين كروم: أنا أذكر أن إنجلترا بعد تأميم البترول أعلنت عن تحركات عسكرية لقواتها، وصرح عدد من قادتها بضرورة مهاجمة إيران ونشرت أخبار بأنها ستستخدم قواعدها العسكرية في منطقة قناة السويس لمهاجمة إيران استنادا إلى معاهدة سنة 1936.. لكن الحكومة الوفدية سارعت بإعلان موقفها.. وهو أنها لن تسمح بأي حال من الأحوال ولأي سبب بأن تستخدم بريطانيا قواعدها في قناة السويس لمهاجمة إيران. ولم تكن المعاهدة ألغيت رسميا وقتها، بل تطرفت وأعلنت أنها لن تسمح بمرور أي قوات بريطانية في قناة السويس إذا كانت في طريقها لمهاجمة إيران حتى ولو كانت قادمة من قبرص أو مالطة.. فهل كانت الحكومة مستعدة لمواجهة نتائج هذا الموقف لو أن إنجلترا هاجمت إيران فعلا انطلاقا من مصر؟ أم أنها كانت تهوش؟”.

مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء ومجلس الأمة المصري (1879-1965م)

إبراهيم فرج: نعم كانت الحكومة جادة، بل إن التحدي كان واضحا على تلك التصريحات التي أدلى بها النحاس باشا ونشرت في كل أنحاء العالم. لقد أعلنا وتحدينا علنا، أننا سنمنع بالقوة مرور أية سفينة حربية في قناة السويس إذا كانت متجهة إلى إيران لمهاجمتها.. ولم نكن نهوش.. كنا على استعداد لمواجهة إنجلترا.. كما كنا على استعداد لمواجهتها عندما ألغينا معاهدة 1936 رسميا وبدأنا حرب القنال ضد قواتها.. لم نقبل مهما كان الثمن أن تكون مصر نقطة انطلاق للاستعمار يهاجم منها شعبا آخر يكافح في سبيل حقوقه”.

ويواصل إبراهيم فرج تصوير الجو السياسي في مصر والعالم في 1951: “في عام 1951 كان الشعب والحكومة صفا واحدا ضد الإنجليز. ثم لا ننسي أننا نمثل الشعب ولم يكن ممكنا أن نتغاضى أو نقبل أن تكون مصر مركز عدوان ضد الشعوب الأخرى. نحن لم نهوش كما تظن”.

“وكان مصدق في الفترة التي قضاها بيننا ضيفا معززا مكرما وصحبه في الزيارة ابنه وطبيبه الخاص ووزير البترول الإيراني. وكان النحاس باشا يزوره يوميا.. وعندما تزايدت التصريحات البريطانية حدة ضد مصدق في أثناء وجوده في مصر.. اقترح النحاس باشا أن نوقع مع إيران معاهدة تحالف وصفها الإنجليز بأنها معاهدة دفاعية هجومية.. فرد النحاس باشا بأنه مع مصدق لآخر المدى”.

“قبيل سفر مصدق بيومين.. قال لنا النحاس باشا: إن تأييدنا لمصدق لا يصح أن يكون مجرد تأييد شفهي ومجرد كلام.. وهو سيسافر بعد يومين ولابد أن يتحول تأييدنا لإيران إلى معاهدة نضعها في وجه الخصوم جميعا ونشجع بها الرجل حتى يسير في طريقه إلى النهاية وينفذ خطته”.

رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق (1880-1967م)

ويجيد إبراهيم فرج تصوير جو السعادة الغامرة التي انتابت الزعيم الإيراني محمد مصدق: “ولما أبلغت مصدق بهذا كاد أن يطير من الفرح وقال لي عبارة لازلت أذكرها وهي: إن النحاس باشا كثير عليكم قالها بالفرنسية”.

“قابلني مصدق في غرفتي بوزارة الخارجية.. واتصلت بالدكتور وحيد رأفت وأبلغته بما طلبه النحاس باشا وأعطيته النقاط الأساسية التي يراد وضعها في المحالفة كما أملاها النحاس باشا. وكان النحاس باشا ومصدق قد طلبا وضعها.. وساد الاعتقاد أن مصر ستدافع عن إيران كما يدافع عنها مصدق”. 

“وأعدت المعاهدة على عجل ولكن بإتقان معروف عن العلامة المدقق وحيد رأفت.. واستغرق تحضيرها أربعا وعشرين ساعة.. وطبعت على أوراق وزارة الخارجية وعملت البروتوكولات اللازمة لها. وفي حفلة صغيرة وقع عليها النحاس باشا ومصدق.. وحضرت هذا التوقيع الذي تم قبل مغادرة مصدق القاهرة بيوم واحد”.

ويختم إبراهيم فرج روايته بعبارة كاشفة عن وعي الإنجليز: “أعترف الآن أنني لم أدرك أن هذا اللقاء بين النحاس باشا ومصدق يمكن أن يغيظ الإنجليز إلى هذا الحد إلا بعد ما قرأت مذكرات إيدن”.

ولقراءة المقال من صفحة مدونات الجزبرة اضغط هنا

تم النشر نقلا عن موقع الجزيرة نت

ولقراءة المقال مدونات الجزيرة إضغط هنا

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com