الرئيسية / المكتبة الصحفية / مقالات ماقبل الجزيرة / الدستور / كيف يتعامل الزعماء مع أسلافهم؟

كيف يتعامل الزعماء مع أسلافهم؟

 

 

تتكشف كثير من أخلاق الزعماء في تعاملهم الصادق أو الحكيم مع أسلافهم ، ومن المهم أن نشير إلي حقيقة أن الخٌلٌق الداعي إلي تكريس الاحترام للأسلاف في حد ذاته ليس دليلا علي العظمة ، لكن تكريس الاحترام للقيمة هو الأهم ، وعلي الجانب الآخر فإن محاولة الانتقاص من الزعماء السابقين (بأشخاصهم أو قيمتهم) لا تعكس رغبة في المضي إلي الأمام ، بقدر ما تعكس ضعفا في الثقة بالنفس.. وهذا هو لب القضية.

كان الرئيس محمد نجيب محبا للزعيم النحاس، ومقدرا لدوره، ولم يحدث أن تعامل معه بالمنطق الذي تعامل به الرئيس عبد الناصر مع كل الزعماء السياسيين الذين سبقوه إلي الزعامة، وقد حرص الرئيس نجيب في مذكراته علي أن يشير إلي موقفه النبيل من زعماء ما قبل الثورة،وبخاصة النحاس باشا الذي طلب عبدالناصر تحديد إقامته ضمن المعتقلين، لكن الرئيس نجيب بحكمته ـ حسب روايته ـ لم يوافق علي مثل هذا الاقتراح، ومن العجيب أن نري في رواية الرئيس نجيب ما يشير إلي موافقة أعضاء مجلس قيادة الثورة له في موقفهم من النحاس، كما أن من العجيب أن نري محاولة من جبهة عبد الناصر لوضع مجلس قيادة الثورة ورئيسه أمام الأمر الواقع من خلال نشر الكشف في الصحافة متضمنا اسم النحاس.

لكن التاريخ علي كل حال يذكر للرئيس نجيب حرصه علي عدم المشاركة في مثل هذا الظلم إلي درجة أنه اعتكف في بيته حتى غيَّر الآخرون موقفهم من النحاس باشا:

“…  قدم جمال عبدالناصر لمجلس الثورة، بصفته وزيراً للداخلية، كشفاً بأسماء بعض الزعماء السياسيين، الذين رأي أنهم خطر علي النظام، ورأي أن من الضروري اعتقالهم. وكان من بينهم مصطفي النحاس، الذي طلب تحديد إقامته.. ورفضت.. ووافقني المجلس علي رفضي.. وشطب اسمه من الكشف.. ووقعت الكشف.. لكني فوجئت بأنهم أعادوه للكشف بعد توقيعي.. واعتبرتٌ ذلك تزويراً لا يمكن السكوت عليه.. وطلبت شطب النحاس من جديد.. فقال جمال عبدالناصر:

“إن شطب اسم النحاس بعد أن نشر الكشف في الصحف يزيد الموقف بلبلة”.

وتعجبت من تصرف عبدالناصر !

وتعجبت من موقفه من النحاس،الذي سبق أن قال لي عنه:

“إنه رجل طيب واللي يتعرض له ما يشوفش خير” !

ومرة أخري اعتكفت في بيتي.

كان ذلك في١٢ أكتوبر، وصدرت نشرة طبية تقول:

“أنني اعتكفت في بيتي ” بسبب انحراف مفاجئ ألم بصحتي في الصباح،لم يمكنني من الذهاب إلي القصر الجمهوري بعابدين ! وتأجلت جميع مقابلاتي الرسمية، وكان منها مقابلة سفير العراق، ووزير استراليا المفوض” .

ويبلور الرئيس نجيب كل هذا بعد روايته كله بقوله :

“إلى هذا الحد كنت أرفض قرارات المجلس، سواء (الصادرة) منه مباشرة، أو التي يصدرها من خلال محكمة الثورة “.

نٌشر بتاريخ : 2012/11/8

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com