برز الشيخ “محمد سيد طنطاوي ” مفتي الديار المصرية كأقوى المرشحين شيخا للأزهر الشريف خلفا للشيخ” جاد الحق علي جاد الحق ” الذي توفي منذ أيام.
وبالرغم من أن القانون لا يمنع الجمع بين منصبي المفتي وشيخ الأزهر، إلا أن الاتجاه يميل إلى أن يكون الشيخ طنطاوي شيخا للأزهر فقط،وهناك عدد من المرشحين لهذا المنصب ،ولكن طنطاوي أرجحهم ،وهناك أكثر من مرشح لمنصب المفتي إذا تولى طنطاوي مشيخة الأزهر.
الإجابة ربما تكون سهلة جدا لأن المشايخ الثلاثة السابقين ” عبد الحليم محمود “ و ” محمد عبد الرحمان بيصار “ و ” جاد الحق علي جاد الحق “ كانوا يشغلون منصب وزير الأوقاف قبل اختيارهم لمشيخة الأزهر….حتى ولو لمدة قصيرة….والشيخ جاد الحق نفسه عمل وزيرا للأوقاف لمدة تقل عن خمسة وثمانين يوما حين اختير شيخا للأزهر في مارس 1982….وهي نفس المدة التي قضاها الآن الدكتور ” حمدي زقزوق “ في منصب وزير الأوقاف ،هل هي مجرد مصادفة؟
على كل حال فإن الدكتور بيصار عمل وزيرا للأوقاف لأقل من 120يوما قبل أن يختار شيخا للأزهر ولكن الدكتور ” محمد سيد طنطاوي “ يتمتع بعلاقات أوثق بمؤسسة الرئاسة وبمراكز صناعة القرار في مصر ،فضلا عن أنه يرتدي الزي الأزهري ويشغل منصب المفتي منذ 1986 أي أنه قارب عشر سنوات في هذا الكرسي ولكن الأقدار لعبت لعبة غريبة جدا،ففي يوم وفاة شيخ الأزهر “الجمعة ” صدر الأهرام المسائي وبه حديث مطول مع المفتي يقول فيه أنه هو الوحيد صاحب الرأي الملزم في الحلال والحرام ….فهل يتنازل المفتي عن هذا الحق ويكون شيخا للأزهر ويفقد الرأي الملزم ؟؟؟
عل كل الأحوال هناك سابقة تعيين المفتي شيخا للأزهر مباشرة دون المرور بكرسي وزارة الأوقاف،حدث هذا مع الشيخ ” حسن مأمون “الذي عين شيخا للأزهر في 1964 وكان مفتيا للجمهورية منذ 1955 ،وفيما قبل الثورة مع الشيخ ” عبد المجيد سليم “ في مقدمة الشخصيات المرشحة بالطبع لتولي المنصب الرفيع أبرز وزراء الأوقاف السابقين وهو الشيخ ” الشعراوي “ الذي يليه في الأقدمية كوزير سابق للأوقاف ( 76-78 ) الشيخ ” إبراهيم الدسوقي مرعي “ الذي عمل وزيرا للأوقاف ( 82-1984 ) والدكتور ” الأحمدي أبو النور ” ( 84-1986 ) ،أيضا هناك وزراء أوقاف سابقون كالدكتور ” محجوب ” ( 86-1996) وهو أستاذ مساعد في كلية الحقوق عين شمس ولكنه درس في كلية الشريعة، وهناك من رجال الثورة شخصيتان مهمتان : نائب الرئيس ” حسين الشافعي “ الذي عمل وزير للأوقاف أكثر من مرة و ” احمد طعيمة “ الذي تولاها بعد ” الباقوري “ ( 1959 ) ،وهناك أيضا نائب وزير أوقاف….هو الدكتور ” أحمد خليفة “.
هناك بالطبع احتمال الرجوع بالزمان خطوة أو خطوتين للإفادة من الكفاءات الرفيعة التي تولت مناصب أزهرية ودينية رفيعة مثل الشيخ ” خاطر “ الذي كان يتولى منصب الإفتاء قبل الشيخ ” جاد الحق “ نفسه وطيلة السبعينيات تقريبا، هناك أيضا رؤساء جامعة الأزهر السابقون الذين أحيلوا إلى التقاعد وهم في قمة عطائهم في الخامسة والستين أبرزهم الشيخ ” محمد السعدي فرهود “ وهناك الرئيس السابق للجامعة الدكتور ” عوض الله حجازي “ ( 82 عاما ).
هذا بالطبع إضافة إلى الرئيس الحالي الدكتور ” احمد عمر هاشم “ والسابق مباشرة الدكتور ” عبد الفتاح الحسيني “ ولكنهما لا يزالون دون الستين.
وكيل الأزهر الحالي الشيخ ” سيد سعود “ ليس بعيدا هو الآخر عن دائرة الترشيحات ،وقد حدث مرة واحدة أن اختير الوكيل شيخا بدون أن يمر بمنصب الوزارة وكان هو الشيخ ” شلتوت “ ( 1958 ) ،ولكن الشيخ “شلتوت ” كان بالفعل شيخا للأزهر وهو لا يزال وكيلا له،أما الشيخ ” سيد سعود ” فإنه قد قضى في وكالة الأزهر ثلاث سنوات بعد السن القانونية حتى الآن….وبالإضافة إلى هؤلاء جميعا الشيخ ” عطية صقر “ الذي يشغل الآن منصب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر وقد كان وكيلا لوزارة الأوقاف كما أنه على المستوى السياسي كان عضوا بارزا في مجلس الشعب وترأس لجنة الشؤون الدينية في البرلمان ويتمتع بحضور إعلامي قوي….وعلى نفس الخط من رجال الدعوة في وزارة الأوقاف يأتي بخطوات لاحقة الشيخ ” منصور الرفاعي عبيد “ وكان هو الآخر ذا نشاط سياسي بارز.
خلاصة القول :
إن اختيار الشيخ القادم سيكون تبعا لما تطلبه الدولة في هذا الشيخ وهناك 17 معيارا على الأقل ،هناك المرجعية،وهناك القدسية،وهناك المكانة أيضا،الخبرة، الولاء، والجماهيرية،والشعبية،والسماحة،كما أن هناك العدالة، والهداية،والتنوير، والحرفية والقدرة ،وفضلا عن ذلك فهناك الثقة والمحبة والمعرفة الشخصية والمواءمة السياسية وبالطبع فإن كل مرشح من الذين ذكرناهم يتميز جدا في إحدى هذه الصفات السبع عشرة فليس هناك من ينافس ” الشعراوي ” جماهيرية ولا ” أحمد عمر هاشم ” في شعبيته ولا “عبد الفتاح الشيخ ” في حرفيته ونصوصيته ولا ” طنطاوي ” في مواءمته ولا ” زقزوق ” في مكانته ولا ” فرهود ” في قدرته ولا ” الدسوقي ” في سماحته ولا ” خاطر” في مرجعيته وهكذا….ولكن الاختيار بالطبع يوفق بين العوامل المتنافرة.
متى يصدر القرار؟؟؟ هذا هو السؤال الثاني في الأهمية….في الغالب أن الرئيس حسني مبارك سيؤجل إصدار هذا القرار حتى يمر أربعون يوما على وفاة الإمام الأكبر ، نظرا للعلاقة الخاصة والثقة المتبادلة التي كانت بينهما وهو ما حدث عند وفاة الدكتور ” فؤاد محي الدين” لم يكلف الرئيس رئيس الوزراء التالي إلا في اليوم الحادي والأربعين.
ومع هذا فإن الرئيس حسني مبارك قدر أصدر قرار تعيين الشيخ ” جاد الحق ” نفسه قبل مضي أسبوعين على وفاة سلفه، ربما لأن الرئيس يدرك ضخامة المسؤوليات الملقاة على هذا المنصب وأن أمورا كثيرة لا تحتمل التأجيل.
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا