تاريخ النشر : 21/08/2004
جريدة : الهدف
هو شخصية موسوعية ثرية من أعلام هذا العصر الذين نفخر بمعاصرتهم….لأنه يذكرنا بعصر العلماء العرب العباقرة الذين نبغ كل منهم في عدة مجالات.
وقد سار على الدرب….فنبغ وتألق وتفوق في الطب والأدب والسياسة والتاريخ والفكر….فكان جديرا بتقدير بلده له وحصوله مؤخرا على جائزة الدولة التقديرية في الآداب تتويجا لمشواره الحافل بالإنجازات.
إن الدكتور محمد الجوادي الذي التقينا به في منزله بين أحضان كتبه التي لا تحصى وتنتشر في كل جوانب البيت….وفي البداية سألناه:
إذا كنا نعرف الدكتور محمد الجوداي جيدا من خلال أعماله وإنجازاته….فكيف يعرف هو نفسه؟
أهم ما أحرص على تعريف نفسي به هو "الحقيقة" فأنا دؤوب جدا من أجل الوصول إلى الحقيقة….وأحيانا يستمر معي الكتاب ربما لخمس سنوات متوقفا على فقرة أو فقرتين،وهذا من واقع التزامي ببذل كل الجهد حتى أصل إلى تحقيق المعلومة….وهذا الدأب للأسف غير موجود في عصر تلهث فيه الخطى.
وبجانب هذا الدأب والنظام في حياتي،فأنا مؤمن بأني لابد أن أكتب ولا يهمني مثلا إن كان هذا الكتاب سيبيع أو لا يبيع،كما أنني لا أعرف ممن أكتب عنهم شخصيا،ودائما أعني في التراجم التي أنجزت فيها إنجازا كبيرا بالقيم الإيجابية….وأعلم أن كل شخصية بها القيم الإيجابية التي تختلف عن الآخرين مثل اختلاف بصمات الأصابع،وإن كان يمكن تصنيف الناس لطراز معينة….ولكن هذا التصنيف مسألة مبدئية،يأتي بعدها الوصف الدقيق لموجات هذا الإنسان وبصماته،بحيث يستحيل أن يبث إنسان موجة إنسان آخر وإلا يحدث ما نسميه في الإذاعة"الشوشرة الإذاعية" ،وأنا تراجمي خالية من هذه الشوشرة خاصة الشوشرة الذاتية.
إذا أردنا أن نصفك هل نقول الأديب أم الطبيب أم المفكر؟
أستطيع أن أقول أن محمد الجوادي هو تقريبا نموذج من ابن رشد وابن سينا….وهو نموذج لابد أن يكون موجودا،وإن لم يوجد في أمتنا العربية فإن الأمة عليها أن تبحث عنه وعن أسباب غيابه….واعتقد أنه كما أنني من حقي أن افخر بما حققت، فمن حق وطني أن يفخر بأنه مهد لي هذا من خلال عوامل كثيرة أهمها التعليم الجيد في ظل نظام التعليم بمدرسة المتفوقين.
كيف حققت هذه الموسوعية والشمولية الواضحة في نبوغك في مجالات عدة؟
لأني قسوت على نفسي في طفولتي حتى أكون قارئا جيدا وفاهما جيدا ومعبرا أيضا جيدا….فلم أقرأ شيئا إلا وفهمته،ولم أفهم شيئا دون أن أعبر عنه….وأذكر أنني كنت أعبر عن نفسي بالخطابة في المساجد وإلقاء الدروس الدينية والحديث في الإذاعة المدرسية من الصف الثالث الثانوي،وكنت أعلق على الأحداث برؤية نضجت مع الوقت،وكان عندي جرأة شديدة جدا في تناول موضوعات الأحداث مثل عزل وزير حربية وتعيين آخر، وكذلك أحداث 15 مايو وانتصار أكتوبر،وتعلمت أن يكون لي رأي وأن أعبر عن رأيي بمنتهى الوضوح وبدون التماس مع مناطق المحظور،إلى أن أقدم ما أقدمه دون أن أنتهك قواعد المجتمع.
بماذا تفسر ندرة وجود الشخصيات الموسوعية في عالمنا العربي حاليا؟
يمكنك أن تجدي نماذج كثيرة شبيهة بالدكتور الجوادي وأفضل منه لو انتبهنا مبكرا إلى أن نفصل الشباب عن الاستهلاك الثقافي كالتلفزيون مثلا الذي يخلق متلقين فقط،وان نشجع هؤلاء الشباب على ممارسة الرياضة….وأذكر أنني كنت أمارس 5لعبات وأنا طالب في الثانوي،بجانب الأنشطة الثقافية….فالعقل السليم في الجسم السليم وبدون التفوق الرياضي لا يحس الإنسان بذاته….وأنا قضيت فترة شبابي خالية من الأخطاء والانحراف بفضل الرياضة التي كفلت لي العصمة من الانحراف لأن الرياضة تنمي تحقيق الذات جسديا.
كيف تغلبت على صعوبة الدراسة العلمية والتفوق في كلية الطب بجانب هذه الشمولية في الأنشطة الأخرى؟
يرجع ذلك إلى تفضيل الإنسان إلى أن يكون شخصية متكاملة على حساب الاحتفاظ بترتيبه الأول،ويكتفي أن يكون الثاني أو الثالث المهم الحفاظ على تفوقه،ففي بداية حياتي كنت دائما الأول، ولكن كنت أشعر أن عندي نقصا شديدا في أشياء كثيرة جدا،وبالتالي حرصت على تنمية شخصيتي في المجالات الأخرى بما فيها الرحلات وزيارة المكتبات واستعارة الكتب في مجالات متنوعة….وكان بداخلي ثقة على النجاح والتفوق دون اهتمام أن أكون الأول في الثانوية العامة،المهم عندي هو ثقتي وحرصي على الحفاظ على مستوى التفوق الذي يدخلني الكلية التي أريدها….ومع تخرجي في كلية الطب اتسعت معارفي ومداركي وعلاقاتها، وكان لي ما يقارب 300 صديق من خارج مصر ممن قابلتهم في زياراتي لألمانيا والسعودية وكينيا والهند وباكستان.
طبيب قلب وأستاذ جامعي كفء….ألم تتمن حصولك على الجائزة في العلوم وليس في الآداب؟
في الواقع أنني كنت متوقعا فوزي بجائزة الدولة التقديرية في الآداب وأراه منطقيا….وقد فرحت بفوزي بهذه الجائزة الهامة لشعوري العميق بمدى حب الناس وتقديرهم لي،وهو ما لم أكن أتصوره وكشفته لي البرقيات والاتصالات والزيارات والرسائل التي تعد بالآلاف لتهنئتي بهذه الجائزة….كما فرحت أيضا بشيء هام جدا وهو أنني اكتشفت أنه لابد أن تقيم القيم،بمعنى أن محمد الجوادي بهذا التاريخ والإنجاز لابد وأن يكرم ويحصل على مثل هذا التقدير ليس من أجل الجوادي ولكن لكي يعلم الناس أن من يعمل بهذه الطريقة يحصل على نفس التقدير ويصبح قدوة جيدة لهم.
كلامك عن إحساسك بنفسك واعتزازك بذاتك ألا تخشى أن يساء فهمه من الناس ويفسر بالغرور؟
إن الذي يحميني من الغرور هو أني دائما أرى الحياة والموت والصحة والمرض يوميا من خلال عملي كطبيب للقلب وهو أكبر عاصم لي،وأقول انه لو اجتمعت الكرة الأرضية على أن تخلق خلية بشرية واحدة،لن تستطيع….وأنا عموما أتمتع بصفات معينة منها إيمان العجائز وقلب الطفل وعقل الكهل ورغبة ونزوة الشيوخ المتهالكين….فنزواتي المادية في الحياة تم تسطيحها وتهذيبها منذ مرحلة مبكرة، حيث أنني ليس عندي رغبة ملحة في المال ولا الجاه ولا المناصب ولا النفوذ….واعترف أن زهدي في أشياء كثيرة يصل لحد الخطر بمعنى أن الإنسان لابد وان تكون لديه رغبة لحد ما في نزواته وشهواته،لكني اعتقد أن هذا السلوك الذي أتصف به الآن أسلم لي رغم أني لا أنصح به ولكنه حماني من التورط في أشياء كثيرة.
ولكن هل تشعر بالندم على هذه الأشياء التي زهدت فيها؟
أبدا لم أندم على شيء….ولم أندم على شيء لم أنله في وقته….وأنا سعيد أني قضيت شبابي في البحث والكتابة والدراسة والتأليف،وسعيد بأني كنت على الدوام أقل من غيري كسبا وطموحا….وعلى سبيل المثال لم أحصل على مغنم ثقافي في حياتي كلها….ولكني أفخر بأني دائما أحظى بالتقدير سواء بعضويتي لمجمع اللغة العربية أو إتحاد الكتاب،أو حصولي على جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية ووسام العلوم والفنون….ويكفيني أنني كنت أصغر من حظي بكل هذا التقدير.
من الملاحظ أنك لم تقدم عملا للأطفال رغم تنوع المجالات التي كتبت فيها….فلماذا؟
صحيح لم أكتب قصصا للأطفال،ولكني قدمت لهم موسوعة الكويت العلمية للأطفال،وكتبت فيها المادة الطبية….وألا أغفل أبدا الاهتمام بالطفل فنحن لا ندخل مملكة الحقيقة إلا بقلوب الأطفال.
عندما كتبت في مجالات أخرى بجانب الأدب والعلوم هل قصدت أن تتميز عن أولئك الذين ينتمون لفئة الأطباء الأدباء وتضيف لنفسك بعدا جديدا؟
طبعا كان هذا هو المقصود….والحضارات لا تتحقق إلا بأمثال هؤلاء الذين هؤلاء الذين يجمعون الإجادة في أكثر من مجال وهؤلاء هم الذين يمثلون شعلة الحضارة الذين يشتعلون ويفنون من أجل الحضارة ولكن تبقى الحضارة بعدهم متمثلة فيهم وفي إنجازاتهم.
ما الذي تحلم به الآن؟
أحلم أن أنتهي من 20 كتابا أوراقها مفتوحة على مكتبي ولم أنته منها بعد،منها كتاب "مذكرات الأدباء والفنانين" ومتوقف على صفحة في المقدمة،وكتابي "مذكرات العسكريين في الحياة المدنية" ومتوقف على تحقيق تاريخين،وكتاب "مذكرات الأدباء" متوقف على نصف فصل لم يتم وكتاب "حواراتي مع أساتذتي" وهكذا….وبعض هذه الكتب بدأت من 20 سنة.
وما طقوسك في كتابة هذه الأعمال؟
أنا أكتب في أي مكان في المطاعم والفنادق….ودائما تكون معي أوراق….وحتى لو لم يكن معي ورق أقترض ورقة من المطعم….واذكر أنني كتبت ذات مرة على خلفية قائمة الطعام الخاصة بالمطعم "المينو".
وسط هذا الزخم من الاهتمامات هل تجد وقتا لممارسة الطب؟
طبعا فأنا طبيب قلب وأستاذ بكلية طب جامعة الزقازيق وأمارس عملي بانتظام….كما أنني أعالج مرضاي بعيادتي الخاصة بالقاهرة وكل الأمور تسير في حياتي على ما يرام بسبب تنظيم الوقت وعدم ضياعه في اللهو.
Dear Dr M Al Gwady
ASA
I ask Allah (SWT) to shower you with HIS mercy.
The more I read for you or watch your interviews on TV.s or You Tube, the more I like & admire you. In one of your TV talk you mentioned that once you were handing the medialets to Dr M Morcy to put it around the necks of the dignified & distinguished, when finished he told you that you will get one day one, too. The passed by that day came by, during his presidency, when honered a group of university faculties, you wished if he remembered, & rewarded you, too.
Dr Morcy is a good man, likes Egypt, & sincere like you, I am very positive, that Allah ( SWT) will honer you with a day you honer Dr Morcy for his sincere effort to uplift Eygpt to the sky with the help of Allah (SW) InshAllah,