اجرى الحوار : طارق الطاهر
تاريخ النشر : 15/07/2003
جريدة : الأخبار
لأول مرة في تاريخ مجمع اللغة العربية يتم اختيار طبيب ليكون عضوا بلجنة التاريخ لإنجازاته وإسهاماته الأدبية الكبيرة.
هو الدكتور محمد الجوادي طبيب القلب والأستاذ بطب الزقازيق….وهو شخصية فريدة جمعت بنجاح بين العلم والأدب وحقق في كلا المجالين إنجازات كبيرة تركت بصمة في المكتبة العربية.
حينما تسمع عن إنجازاته الطبية تظن أنه عالم وهب حياته للبحث العلمي فقط….وحينما تتعرف على إسهاماته الأدبية تظن أنه هجر الطب وتفرغ تماما للأدب.
قدم الدكتور الجوادي إسهامات عديدة في مجال البحث العلمي على رأسها القاموس الطبي باللغة العربية….كما قدم إسهامات أدبية فريدة حتى استحق الفوز بجائزة الدولة التشجيعية في الآداب….ثم اختير أخيرا كعضو بمجمع الخالدين الذي يضم صفوة العلماء ورجال الفكر .
تقديرا لإنجازاته الكبيرة في المجالات العلمية والأدبية على حد سواء، قرر مجمع اللغة العربية أن يضم الدكتور محمد الجوادي إلى عضويته كأول طبيب ينضم لعضوية لجنة التاريخ.
و د.الجوادي يشغل منصب أستاذ القلب بجامعة الزقازيق وله العديد من الإسهامات البحثية الجادة في مجال تخصصه إضافة إلى أنه من الشخصيات المهتمة بالصحافة ودورها لدرجة أن جامعة الزقازيق عندما سعت إلى إنشاء قسم للإعلام ،بكلية الآداب كان من المساهمين في خروج هذا القسم للنور، بل وشارك بالتدريس فيه لمدة عام، ونظرا لتنوع إصداراته التي بلغت ما يقرب من 52 كتابا في مختلف المجالات ، أصبح د.الجوادي ظاهرة جديدة بإلقاء الضوء عليها.
-سألته:
منذ متى بدأت علاقاتك بمجمع اللغة العربية؟
-أجاب:
لا اكون مبالغا إذا قلت لك أن هذا المجمع قد ساهم بشكل كبير في تعلقي باللغة العربية ومعرفة أسرارها ، بل الأكثر من ذلك انه كان في يوم من الأيام حافزي للاستمرار بقوة في تأليف الكتب الإبداعية ، وذلك عندما تقدمت وانا طالب في كلية الطب بالسبعينات ببحث عن محمد كامل حسين شاركت به في مسابقة نظمها مجمع اللغة العربية، وإذا بي أحصل على الجائزة الأولى في هذا التخصص، مما شجعني على نشر هذا الكتاب، ثم أعقبته بكتاب آخر عن العالم المصري الكبير مصطفى مشرفة، لأنال عنه جائزة الدولة التشجيعية في الآداب ، وفي نفس الوقت كنت أبدأ حياتي العملية بوصفي طبيبا وعضوا بهيئة التدريس بكلية الطب، أخيرا جاء اختياري عضوا في مجمع اللغة العربية ليتوج علاقتي بهذا الصرح العظيم.
-سألته:
وماهي علاقتك بالصحافة؟
-أجاب:
ساهمت في إنشاء قسم الصحافة بآداب الزقازيق، ودرست في العام الأول مادة الصحافة العلمية والمدرسية، إضافة إلى كتابي الذي يعد في حقيقته عملا موسوعيا ضخما عن مجلة " الثقافة….تعريف وفهرسة وتوثيق" وفيه أرخت للمجلة من عام1939-1952 وقدمت سيرا ذاتية عن مائة من كبار الذين كتبوا فيها.
-سألته:
لك إسهامات جادة فيما نطلق عليه ب "أدب التراجم" أي الأدب الذي يهتم بإلقاء الضوء على الشخصيات المؤثرة في حياتنا سواء الأدبية أو الثقافية أو العلمية….نريد إلقاء الضوء على هذا الإسهام؟
-يقول:
لي في هذا المجال 13 كتابا ، ستة منهم تقدم ملامح الحركة العلمية المعاصرة في مصر، بدأتها بكتاب محمد كامل حسين ، ثم علي مشرفة ، والدكتور أحمد زكي، والدكتور علي باشا إبراهيم ، والدكتور نجيب محفوظ والدكتور سليمان عزمي ، ليمتد نشاطي بعد ذلك إلى الشخصيات السياسية والأدبية ، لأنشر خمسة كتب عن توفيق الحكيم ، اسماعيل باشا صدقي ، المشير أحمد إسماعيل ، الشهيد عبد المنعم رياض، بالإضافة لكتابي بعنوان " يرحمهم الله" و " مصريون معاصرون".
-سألته:
نريد أن نقترب من عطائك في المجال الطبي؟
-أجاب:
قمت بالاشتراك مع أستاذي الدكتور محمد عبد اللطيف ، بإضافة اللغة العربية إلى القاموس الطبي نوبل للغات الثلاث : الإنجليزية والفرنسية والألمانية ، وبذلك يسهل الوصول إلى المصطلح العربي المقابل من خلال أي لغة من هذه اللغات الثلاث ليصبح قاموسا رباعي اللغة مع فهرس عربي مرتب لكافة المصطلحات الطبية الواردة في اللغات الأخرى.
وهو قاموس يضم 150 ألف مصطلح طبي، نشرت" الببليوجرافيا القومية للطب المصري" في 8 اجزاء ، حيث نجحت في فهرسة مائة وخمسين دورية طبية مصرية في الفترة من1985 إلى 1988 ، فضلا عن نشر سلسلة من كتب الطب المتخصصة باللغة العربية ، وقد أصدرت خلال العام الماضي كتابين، الأول "أمراض القلب الخلقية الصمامية" ، والثاني "أمراض القلب الخلقية: الثقوب والتحويلات" إضافة إلى نشر مجموعة من البحوث العلمية في تخصصي العلمي الدقيق وهو "الوظيفة الانبساطية للقلب" والدراسات التطبيقية المتعلقة بتقييم هذه الوظيفة.
-سألته:
ماذا استفدت من مجالك الأصلي وهو الطب في مؤلفاتك الثقافية؟
-أجاب:
من اهم ما نتعلمه ونعلمه في الطب القدرة على التنبؤ بتطور الحالات المرضية التي نقابلها ، لأن هذا التنبؤ يمثل بلورة رفيعة للخبرة وللعلم معا، فمثلا يمكننا أن نتنبأ بكثير من تطورات صمامات القلب وشرايينه في ظل الظروف المختلفة التي يمكن تقدير أثرها على الحالة المرضية.
-وأضاف:
السياسة والتاريخ نمطان من أنماط علوم الحياة أو العلوم الإنسانية شأنهما في ذلك شأن الصحة والطب وهما يخضعان لعوامل كثيرة غير قابلة للقياس الدقيق أو التحديد المنضبط ، ومع هذا يتمثل التطور في علوم السياسة من سعة أفق العلم والحديث وبالتالي من سعة أفق العقل والمنطق والحساب في صياغة رؤى اقرب ما تكون إلى الوصف بأنها صائبة.
-واستطرد قائلا:
إن أهم ما استفدت من مجالي الطب في مؤلفاتي، بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ والتحليل السليم، الدقة في المعلومات وسردها بشكل صحيح.