مجلة : الشباب
اجرى الحوار : أمل شاكر
الدكتور محمد الجوادي طبيب وأديب فاز أخيرا بجائزة الدولة التقديرية في الأدب وقبلها بشهور أنتخب عضوا في مجمع اللغة العربية.
مجلة الشباب التقت به حيث تحدث عن الطب والأدب في حياته، وكيف أنه استطاع الجمع بينهما والأفكار التي يسعى إلى تحقيقها في كلا المجالين.
في البداية يتحدث الدكتور محمد الجوادي عن فوزه بجائزة الدولة التقديرية في الأدب وهو طبيب فيقول: لقد اتسع الأدب العربي القديم لكل العلوم….التاريخ والطب والفلسفة وحتى علوم الرياضيات والفلك وأعتقد أن الأدب العالمي سيتجه إن عاجلا أو آجلا إلى هذا التوجه حيث ستصبح العلوم والتخصصات المختلفة متاحة بلغة أدبية راقية تمكن الجميع من الاطلاع عليها حينما يريدون ذلك.
وهذا هو عصر جوهر الموسوعات حيث توجد موسوعة يعرف كل الناس من خلالها ما يريدون أن يعرفوه عن كل شيء والمثقف كما أراه هو الذي يعرف كل شيء عن شيء واحد ويعرف شيئا واحدا أو أكثرعن كل شيء أي أنه يعرف كل شيء عن شيء ويعرف شيئا عن كل شيء.
وعن أهم أسباب اختياري لنيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب وصف اللجنة قائلة ما أبدعه الجوادي في مجال الأدب جهد غير مسبوق في آدب التراجم من خلال إنتاج غزير ورفيع المستوى وهو رائد حقيقي لفن متميز هو نقد كتب المذكرات والترجمة الذاتية
وهو أيضا من أبرز كتاب المقال الأدبي والصحفي وله جهد فذ في أدبيات التاريخ المعاصر كما أن له أسلوبين متميزين ومبتكرين في مجالين من مجالات الأدب هما : الوجدانيات وأدب الرحلات وأخيرا فهو يمتلك قدرة فائقة على تحليل النصوص بطريقة علمية تشريحية تستهدف الوصول إلى الفكرة الصائبة والأحكام المتزنة.
أما عن رحلتي مع الأدب فقد بدأت بالكتابة البسيطة جدا ثم بالخطابة التي مارستها مبكرا منذ المرحلة الابتدائية ثم بالصحافة التي مارستها منذ العام الأول الإعدادي ثم المناظرات وبعدها الكتابة للمسابقات.
والحقيقة أن لدي أفكارا كثيرة أحاول أن أسجلها في مؤلفات وأحاول جاهدا أن أنتهي من هذه الكتب الكثيرة التي شرعت في تأليفها ولم أنته منها بعد وعلى سبيل المثال لدي مشروع مجلدات الكتب التي تتناول نقد المذكرات الشخصية وقد أنجزت منه حتى الآن 15 مجلدا وقد كان كتابي عن الأستاذ نجيب محفوظ في ظلال السياسة (الفكر السياسي لنجيب محفوظ) موجودا في أذهان كثير من القراء قبل صدوره بعدة سنوات وذلك لأنني بدأت تأليف هذا الكتاب قبل أن يحصل الأستاذ نجيب محفوظ على جائزة نوبل ونشرت منه فصولا في أعوام 84 و 85 و 86 وتناولي لهذا الفكر واضح في أذهان كثيرين من زملائي لأنهم لم يكونوا على اعتقاد بأن نجيب محفوظ نفسه ليبرالي وكان كثيرون يصورون أنه أحد الذين صنعوا أعمالا أدبية للثورة حيث زوج المكوجي لبنت الباشا أو ابن بولاق لبنت الزمالك كان هذا الاعتقاد موجودا نتيجة أعمال بسيطة أو سيناريوهات كتبها .
لكن المتأمل في فكر نجيب محفوظ على نحو متعدد في كتاب (ظلال السياسة) يستطيع أن يدرك أن الرجل كان ليبراليا وهو المعنى الذي بذلت جهدا كبيرا لإثباته من خلال دراسة أعماله الأدبية.
-من غير مسارك من الطبيب إلى الأديب ؟
الحقيقة أنني بدأت أديبا وانتهيت طبيبا لأنني بدأت الأدب قبل أن ألتحق بالطب….وبصفة عامة فإن الطب والأدب ممتزجان داخلي مثل الكروموسومات في جسم الإنسان فهي مكون من أزواج تسير مع بعضها بما يسمى كل منها باللولب المزدوج.
-هل اثر الأدب على تفوقك في الطب؟
بالعكس فلقد ساعدني كثيرا على أن أفهم أمور كثيرة في مجال الطب وأن أكون طبيبا ناجحا.
-ماهي رؤيتك للجمع بين الطب والأدب؟
هناك مستويان من الجمع بين الطب والأدب ، المستوى الأول أن الطبيب يظل يكتب ويمارس الكتابة مثل الدكتور مصطفى محمود والدكتور يوسف إدريس وفي وقت من الأوقات كان محظورا الجمع بين وظيفتين فكان بالفعل يوسف إدريس على سبيل المثال يتولى وظيفتين وبحكم قانون عدم الجمع بين وظيفتين ، ترك الطب وتفرغ للأدب وربما لوكنت أنا موجودا في هذا الوقت لاخترت وظيفة الطب وتنازلت عن الوظيفة الصحفية.
كما أذكر أن هناك أستاذا عزيزا في كل العلوم وهو أستاذ علم الحشرات حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب قبلي وهو الدكتور يوسف عز الدين عيسى وكان عميدا لكلية العلوم وهو قاض من الدرجة الأولى وأعماله الإذاعية والأدبية فائقة وعلى مستوى الأطباء والأساتذة في كليات الجامعة أذكر الأستاذين الدكتورين الكبيرين محمد كامل حسين وحسين فوزي وقد ربطتني بكل منهما علاقة خاصة، فأنا صاحب الكتاب صاحب سيرة محمد كامل حسين وهو أول كتاب نشرته سنة 1978وأول كتاب نال جوائز من اربع دول عربية سنة78 أما الدكتور حسين فوزي فكلانا تحول إلى صديق شخصي لدرجة أنني أقمت في بيته في باريس في زيارة لهذه المدينة.
-ومن مثلك الأعلى في ذلك؟
مثلي الأعلى ليس من العصر الحاضر….الرازي وابن سينا وابن رشد وبصفة خاصة ابن رشد.
وأنا أعتز جدا بابن رشد عن ابن سينا لأن لدي ميولا فقهية وتشريعية وقانونية وفلسفية.
-ما أهم إنجازاتك في مجال الطب؟
بدأت بحوثي بدراسة الوظيفة الانبساطية للقلب وهي دراسة جديدة فلقد كان اعتقاد الأطباء أن وظيفة القلب في الأساس وظيفة إنقباضية ثم انتهينا إلى ان الوظيفة الانبساطية للقلب لا تقل اهمية عن الوظيفة الإنقباضية إذ كيف يمكن لقلب الإنسان أن يدفع دما بينما هو لم يستقبل دما كافيا يدفعه اثناء الانبساط ،فالانبساط هو الفترة التي يدخل فيها الدم للقلب.
كذلك كنت حريصا على أن أجري بعض الدراسات الإحصائية الرياضية من خلال أجهزة رسم القلب بالمجهود لتحسين المعادلات التي يمكن أن نصل من خلالها للتشخيص ، وأجريت بحوثا في مجالات متعددة من أمراض القلب وأشرفت على اكثر من عشر رسائل دكتوراة واكثر من خمس وعشرين رسالة ماجستير وأعد حاليا الببليوجرافيا القومية للطب المصري في الفترة من 1985 إلى 1988.
وقد جمعت من خلالها ما نشر في 150 دورية طبية.
-ما أهم المحطات في حياتك؟
التحقت بالمدرسة في سن السادسة وأمضيت بها ست سنوات في الابتدائية ولم يطاوعني أحد بأن أنطلق بأسرع من ذلك برغم الفرصة التي كانت متاحة لي ولكن هذا أتاح لي النضج الكامل في التفكير والدراسة ولم يكن الواجب المدرسي يأخذ مني أكثر من ربع ساعة في اليوم بعدها أمارس العديد من الأنشطة وكذلك مرحلة الإعدادية وبعد حصولي على الإعدادية بتفوق من المدرسة بمدينة دمياط التحقت بمدرسة المتفوقين الثانوية بالقاهرة حيث خرجت من مرحلة الدراسة في دمياط إلى مرحلة الدراسة في الوطن كله واصبح لي زملاء من جميع المحافظات ومارست كل الأنشطة القومية ومارست عشقي للأدب ولم أنس لحظة واحدة واجباتي خاصة بعد التحاقي بكلية الطب حيث فزت بلقب الطالب المثالي وحصلت على بكالوريوس الطب من جامعة الزقازيق وأسست نادي " الشباب والعلوم" بجامعة الزقازيق وأصدرت مجلة البيئة.
وبعد حصولي على بكالوريوس الطب والماجستير في أمراض القلب حصلت على الدكتوراة في أمراض القلب والأوعية الدموية وزميل زائر لأطباء القلب في كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية ونلت جائزة الدولة التشجيعية عن أدب التراجم، وانتخبت عضوا بمجمع اللغة العربية.
وأخيرا فزت بجائزة الدولة التقديرية في الآداب ويمكن القول بأنني محظوظ وأنني حصلت على ماكنت أتوقع أن أحصل عليه ولكن مع اختلاف التوقيت وقد نلت التقدير العلمي بأسرع مما توقعت.