بقلم : عبد الله كمال
جريدة : روز اليوسف
تاريخ النشر : 22/12/2009
في أكتوبر 2003 وحين كان الكثيرون يحتفلون بذكرى مرور 30عاما على حرب اكتوبر ، استضافت قناة "دريم" عددا من المتخصصين في يوم مفتوح وطويل من البث الاحتفالي بالذكرى….وكان الدكتور محمد الجوادي….وهو مؤرخ ….وأستاذ في طب الزقازيق…وعضو في مجمع اللغة العربية….وصديق عزيز….كان ضيفا على البرنامج….وسئل في أمر هيكل….فقال بالحرف : أخطأ الرئيس السادات حين لم يعدمه وقتها….لأنه كتب ضد الجيش وقت الحرب.
وأضاف : هو لم يقف عند حدود الحديث عن وجود قوات إسرائيلية على الضفة الغربية….بل استدعى الفنان مكرم حنين لكي يرسم صورا للدبابات على الضفة الغربية للقناة.
وانزعج الراحل مجدى مهنا….الذي كان يقدم الحلقة مع الزميل وائل الإبراشي….وقال بعد الهواء للدكتور الجوادي : كيف تقول هذا والرجل (هيكل) يجلس في مكتب أحمد بهجت (صاحب القناة) ؟ ورد الجوادي : أنت رئيس تحرير (كان وقتها مهنا يرأس تحرير الوفد)….أنت رئيس تحرير وتعرف أنه لا يمكن أن تفعل هذا في وقت الحرب….هذه خيانة.
وأعود إلى مذكرات السادات التي نشرت بعنوان (من أوراق السادات)….وكتبها أنيس منصور….وفيها ما يوحي بأن أمرا غريبا كان يحدث في البلد….على المستوى العسكري وعلى المستوى الصحفي….كان هناك فريق له علاقة بالحكم وفي الحكم لا يريد الحرب أو يدفع في اتجاه إحباط الجيش….سواء قبل الحرب أو اثناءها.
مثلا يتكلم السادات عن أنه اجتمع ذات مرة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكان وزير الحربية محمد صادق موجودا ،وسأل السادات القيادات العسكرية ، ماذا فعلتم في تعليماتي بخصوص الاستعداد للحرب؟ وأبدى رئيس هيئة الإمداد والتموين اندهاشه وقال للرئيس : ماهي هذه التعليمات لأننا لم نعلم بها؟ ويقول السادات في مذكراته إنه انزعج جدا….كيف لا تكون تعليمات الاستعداد لدى هذا القائد….وهو تقريبا تقع عليه نصف مهام الاستعداد….ومن ثم سأل الوزير….فقال له أغرب إجابة….رد: أنا يافندم لم احب أن أبلغهم حتى لا ينكشف الاستعداد للحرب….حفاظا على السرية؟
وتساءل السادات: إذا لم يكن هؤلاء هم الذين سيعرفون….من إذن سيعرف….بمن سنحارب إذن؟ وبعد ذلك بوقت وجيز اكتفى السادات بعزل محمد صادق….وعين رئيس الأركان سعد الشاذلي قائما بأعمال القائد العام….وبعد ساعات عين المشير أحمد إسماعيل وزيرا للحربية….رحمه الله وأكرم ذكراه وذكرى الرئيس الراحل.
والمعنى أن البلد كانت فيه جماعة ضغط وفريق مصالح مضادة….اصطلح على تسميتها ب(مراكز القوى) هدفها إعاقة التحرير….وتعطيل الحرب….من المنبع….وكان محمد صادق فيها….وكان هيكل يصب عمليا في نفس الاتجاه….ومقالاته الشهيرة قبل الحرب التي تؤكد استحالتها معروفة للجميع….والكل يعرف أن عددا من القادة كان يمزق جريدته حين تصل إليه ولا يقرأها….ويؤكدون أنها تثبط الهمم وتفسد الروح المعنوية وهو أثر سلبي أخطر حتى من انهيار العسكرية لوجستيا.
وأثناء الحرب….ورغم أن هيكل شارك في إعداد خطاب النصر الذي ألقاه السادات في مجلس الشعب….كما قال السادات….فإن هيكل هو الذي مجد في الثغرة….وقال إن الحرب أسفرت عن وصول القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة بعد ان كانت هزيمة 1967 قد أدت إلى احتلال سيناء حتى الضفة الشرقية….بل-وحسب رواية الجوادي- مضى إلى حد تدعيم ما يقول بأن يضع رسوما لدبابات إسرائيلية على الضفة الغربية.
ومن حقك أن تسأل: لماذا لم يتبع هيكل هذه الطريقة وهو يغطي حرب 1967….وكان يبشر بالنصر قبل و أثناء ما أسماه بالنكسة وفي أيامها الأولى….ماهي طبيعة النوايا….وماهي الأهداف التي تبناها….ولماذا كان يقود الرأي العام إلى التيه والتزييف بالتدليس في النصر؟
لقد اعتقد السادات أنه قضى على مراكز القوى في عام 1971 ولكن واقعيا كانت هناك مراكز قوى حقيقية قائمة بالفعل.
د الجوادي قال كلمة حق في الموكوس الشيوعي الماركسي