العصيان المدني والاحتجاجات ستنجح في إعادة الشرعية كما نجحت ثورة يناير
شخصية مصرية أوصت بإعدام الرئيس مرسي والتحذيرات الدولية منعت ذلك
"نظام الانقلاب" سيسقط لا محالة لافتقاره للمشروعية والشرعية والمشروع
تاريخ النشر: ٢٠١٣/٩/٥
وصف المفكر والباحث المصري الدكتور محمد الجوادي تحويل الرئيس المصري المعزول الدكتور محمد مرسي وعدد كبير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى محكمة الجنايات بأنه إجراء يحمل في طياته "التفشي والكيدية والذاتية" مضيفا أن النائب العام الذي قرر تحويل الرئيس مرسي إلى محكمة الجنايات يقوم برد جميل للرئيس المخلوع حسني مبارك الذي قام بزيارته للمستشفى حين كان مريضا.
ولفت الدكتور الجوادي في حوار مع الراية أن تحويل الرئيس مرسي إلى محكمة الجنايات ليس مستغربا بالنسبة له فهو يعلم -كما قال- أن توصية من شخصية مصرية معروفة قد قدمت إلى قادة الانقلاب التوصية بإعدام الرئيس مرسي ولكنهم ترددوا في التنفيذ لوصول تحذيرات دولية لقادة الانقلاب تحذر من المساس به وبالتالي كان البديل سجنه وتحويله لمحكمة الجنايات.
ويرى الدكتور الجوادي في رده على سؤال حول قدرة الإسلاميين مع حلفائهم على استعادة ما يصفونه بالشرعية وإسقاط الانقلاب في مصر بالقول "الانقلاب سقط بالفعل خلال المظاهرات التي اندلعت في أعقابه والنظام الآن مستمر بوضع اليد ولو انسحبت الدبابة لسقط النظام على الفور".
ويضيف الجوادي أن النظام في مصر سيسقط حتما إذا خرج الجيش وحينها سيعود الرئيس مرسي وسيعود الإسلاميون مع حلفائهم إلى الحكم في مصر فخروج الجيش من المعادلة ينهي النظام.
ويؤكد الدكتور الجوادي على أن العصيان المدني الذي أعلنه الإسلاميون وحلفاؤهم في مصر سينجح في النهاية في إسقاط النظام لكنه يقول أن ذلك يحتاج لفترة طويلة لأن هذا النظام الموروث من نظام مبارك ليس سهلا تكسيره في يوم وليلة فمن يحكم في مصر الآن رموز نظام مبارك لكن المظاهرات والاعتراضات والعصيان المدني وغيرها من وسائل الاحتجاج ستنجح في النهاية كما نجحت ثورة يناير في إسقاط نظام مبارك مضيفا أنه لم يعد في مصر حكومة ووزارات ولا توجد دولة في مصر الآن.
وعن رأيه في أداء وخطاب الإسلاميين بعد حصول الانقلاب وفيما إذا كان ناجحا ويحقق هدف استعادة الشرعية كما يقولون رد الدكتور الجوادي بالقول في حينه كان ناجحا لكن غلطتهم كانت أنهم تأخروا بالنزول إلى الميادين قبل 30 يونيو وقد سبق وان صرحت قبل ذلك التاريخ بعشرة أيام أن المشانق منصوبة للإخوان في الخليفة المأمون وأن السجون مفتوحة بوادي النطرون وأن الانقلاب قادم وقلت أنه سيأتي يوم الخامس من يوليو "وسيبكي به كل أخ مسلم كالنساء ملكا لم يحافظ عليه كالرجال" وحذرت الإسلاميين وقلت لهم يلزمكم قدر من الكراهية حتى تحافظوا على ما كلفكم به الشعب واستشهدت بما كان يقوله النحاس عن ضرورة الثأر للديمقراطية والحفاظ عليها والغريب أن الرئيس مرسي استجاب لوجهة نظري في الإعلان الدستوري الذي أنقذ في حينه مصر من النفق المظلم الذي كان يمكن أن تدخله لو نجحت فكرة الانقلاب في الثاني من ديسمبر ولم يستجب لتحذيراتي وهو ما أدخل مصر في النفق المظلم الآن.
وقال الدكتور الجوادي أن هناك عشرة سيناريوهات وضعت لعزل الرئيس مرسي تم إفشال خمسة منها وقد ساهمت شخصيا في إفشالها لكنني لم أتمكن من إنقاذ الرئيس مرسي في السيناريو السادس لأن إرادة الله كانت كذلك .. "فهناك من يرى أنه لا يليق بمصر أن يحكمها ملتح بذقن أو من يرتدي الجلابية".
ويدافع الدكتور الجوادي عن خطاب الإسلاميين في ميدان رابعة وميدان النهضة وميادين مصر بالقول إنه خطاب صحيح مائة في المائة وفي العالم كله في المواقف السياسية هناك حصانة ولا يحاسب السياسي وهو يصرخ من الألم.
ويفسر الدكتور الجوادي في رده على سؤال لجوء خطاب الإسلاميين للحديث عن الدولة الإسلامية والخلافة التي نزعت منهم بعد الانقلاب وهو ما لا ينطبق على ما حصل في مصر بالضرورة بالقول "هذه عناصر تحميس لأنصارهم وهي عناصر مطلوبة فنفسيات الناس مختلفة ولا يوجد كتالوج سياسي محدد للخطابات السياسية ويقدم مثالا على ذلك بخطاب رئيس الحكومة البريطانية الأسبق خلال الحرب العالمية الثانية التي قال فيها للبريطانيين "لا أعدكم إلا بالدم والعرق والدموع" فهل يعني تشرشل أن طريقه كله عرق ودم ودموع؟؟ بالطبع لا لكنه يقطع الطريق على الذين سيقولون في منتصف الطريق تعبنا فلنتوقف فهو يخبرهم مقدما أنهم سيتعبون. وأيضا ما قاله عبد الناصر من أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ثم قبل مبادرة روجرز ودخل في المفاوضات وسعى للسلام هل يعني ذلك تناقضا ؟؟ لا أرى في ذلك تناقضا فهذه تجليات مختلفة في مواقف مختلفة.
ويرد الدكتور الجوادي على سؤال حول تحليله لغياب الدكتور محمد البرادعي عن المشهد المصري وتقديمه لاستقالته من النظام الجديد كنائب لرئيس الجمهورية رغم انه كان أحد الفاعلين في المشهد السياسي المصري الذي أدى إلى الانقلاب بالقول "البرادعي رجل عظيم بلا شك ولكنه في هذه السن لا يستطيع أن يقود وأن يقدم شيئا خاصة إذا قضى حياته موظفا مثله مثل عمرو موسى ونبيل العربي وآخرين فهم موظفون تعودوا على الطاعة والطاعة فقط لرؤسائهم".
ويراهن الدكتور الجوادي على ما يصفه بالرأي العالمي القائم على الشفافية في استمرار رفض الانقلاب وتأييد عودة الشرعية وقال إن الحكومات الغربية بما فيها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها في النهاية أن تقبل أن تتعامل مع نظام عسكري يحكم من خلال الدبابة وهي الحقيقة التي يعرفها كل رسامي الكاريكاتير في العالم الذين يقفون ضد الانقلاب لأنهم أدركوا الحقيقة.
وعاب الدكتور الجوادي على إدارة الرئيس أوباما ووزيري خارجيته ودفاعه حيث وصفهما "بالحمير" نظرا للتردد والضعف وقال أن استمرار هذا التردد والضعف كفيل بتحويل أوباما ليس إلى بطة عرجاء بل إلى بطة ميتة قد لا يكمل ولايته فالضعف والتردد سيسمحان للرئيس الروسي المناور بوتين بصدارة المشهد السياسي كما سيسمحان لرئيس كوريا الشمالية أن يقفز إلى صدارة هذا المشهد فيما لو هدد مثلا بضرب قنبلة نووية في حال جرى ضرب سوريا؟؟!!
وعاد الدكتور الجوادي للتأكيد على أن النظام الجديد في مصر "نظام الانقلاب" سيسقط لا محالة لافتقاره للمشروعية والشرعية والمشروع -كما قال- وأن رجال الحكم الجديد مشغولون بتنظيف ملفاتهم وغير قادرين على تقديم شيء لمصر وللشعب المصري لأنه لا يوجد ما يقدمونه له.