تاريخ النشر : ٢٠١١/٨/١٤
مهما وصف الدكتور عصام شرف بصفات سلبية فإن أحداً لا يستطيع أن ينكر أنه يتمتع بقدر ضخم من الذكاء والدهاء والمناورة التى جعلته يحتفظ بالمنصب رغم كل هذا الفشل، وجعلته متحدثا باسم الثورة بينما هو قائد الثورة المضادة الآن، ومن الأدلة التى لا تقبل المناقشة على دهاء عصام شرف أنه من خلال أصدقائه المقربين سرب ما تسرب إليه من أن بعض من بيدهم الأمر ينوون أن يسندوا رياسة الوزارة إلى الدكتور كمال الجنزورى بدلا منه
.. وكانت النتيجة بالطبع أن الناس قالوا إن عصام شرف أرحم من الجنزورى.. ومن العجيب أن تسريبة عصام شرف من قدوم الجنزورى خلفا له واكبت تسريبة أخرى تقول إن الجنزورى أوشك أن ينضم إلى سابقيه فى رئاسة الوزارة فى طرة، وقد رأينا عاطف عبيد ينضم بالفعل إلى خلفه أحمد نظيف فى طرة، وبقى أن يأتى الدور على سلفه كمال الجنزورى، الذى بدأ سياسة فتح البنوك أمام المغامرين من رجال الأعمال ليغترفوا ما يشاءون منها تحت دعوى الاستثمار، والمشروعات الكبرى!
وهكذا أصبح الناس يتساءلون:
l هل أتى دور الرجل الذى جعل من توشكى حلما.. ثم سرابا.. ثم كابوسا؟
l هل يأتى دور الرجل الذى ترك دون أن يدرى الفاسدين يبدأون سياسات تجويع الشعب من أجل تخمة النخبة المقربة من النظام؟
l هل يأتى دور الرجل الذى أضاع على مصر أكثر من 15 مليارا هى قيمة رخصة المحمول فى أول عهده، وترك هذه الفرصة الثمينة تذهب مقابل مشاهدة تمثيلية هزلية أذاع فيها رجل أعمال مشهور منشورا مصطنعاً يدعو إلى قتله، ثم بكى وطلب مصالحة بهذه الشركة فأتم له الجنزورى وحكومته صفقة جعلته يظن نفسه مفكرا وسياسيا، بينما اكتفى الجنزورى لمصر بالرفات، ولنفسه بالفتات؟
l هل يأتى دور الرجل الذى شهد عهده توحش الرأسمالية، بينما هو، بحكم دراسته للاقتصاد الزراعى يعرف حق المعرفة خطورة التوحش الرأسمالى، لكنه مع هذا أطعم الرأسمالية كل الهرمونات التى جعلتها تتوحش على نحو لم يشهده العالم كله.
حكى لى أحد زملائى من كبار الأطباء أنه كان بحكم مهنته يكسب ويدخر أكثر من شقيقه بمراحل، وأنه كان فى كل شىء متقدما على شقيقه: فى الوجاهة، والدخل، والعائد، والثروة، والإنفاق.. إلخ، وأن مبررات تفوقه على شقيقه كانت حقيقية ولا تزال حقيقية، فلما جاء عهد الجنزورى تضاعفت ثروة شقيقه حتى أصبحت أكثر من ألف ضعف ثروته لسبب واحد.. هل أن شقيقه كان يملك كارتا يحمل لقب «رجل أعمال»، فاغترف من البنوك كما شاء، والجنزورى بسذاجة شديدة يتحدث عن حجم المشروعات التى صرفت عليها أموال المودعين.
إن مسئولية الجنزورى الحقيقية مسئولية تخطيط ورعاية وريادة.. ذهب الجنزورى بمصر بوعى وبدون وعى إلى بئر الفساد والإفساد عن جهل وتعمد، وظن نفسه بريئا لأنه لم يرشف إلا رشفة واحدة.
هل تدينه تلك الرشفة الواحدة؟
أم أنها هى التى سوف تحميه بفضل المخابرات العالمية؟
وربما تدفع به مرة أخرى إلى رياسة الوزراء على نحو ما سرب عصام شرف.
أما هو نفسه فإنه يتمنى أن يتحقق الحلم الذى حلمت له به والدته وهو أن يكون الرجل الأول.
هذا هو أهم سؤال فى النصف الثانى من 2011.