تاريخ النشر ( الدستور ) : ٢٠١١/٨/١٤
يتطلب معنى الحق في العمل أن تكون حكومة قادرة على إيجاد فرص العمل الجديدة وحماية فرص العمل القائمة, وتأهيل الجمهور للعمل, وللحفاظ على العمل..هكذا يمكن النظر إلى هذا الحق على أنه حق مركب يتصل بالتنمية والإقتصاد من ناحية, كما يتصل بالتعليم والتربية والثقافة من ناحية أخرى..وحتى نفهم دور الحكومة في هذا الحق فإننا نعرض موقف الحكومات السابقة المخزي من القضية لنرى حجم المأساة.
كان العاملون بصناعة الغزل والنسيج على سبيل المثال, يمثلون قطاعا لا يستهان به, وكان هذا القطاع يتوزع ما بين العام والخاص وكانت الفرصة متاحة أمام الخارجين من القطاع العام إلى التقاعد ليعملوا في القطاع الخاص إذا ما كانت ظروفهم الصحية تساعدهم على مثل هذا…لأسباب اقتصادية وتكنولوجية وسياسية كثيرة, خلقتها الحكومة لنفسها, أصيبت صناعة النسيج المصرية في مقتل, وليس من الصعب معرفة الجاني ولا معرفة القرارات المدمرة لهذه الصناعة, ولم يحدث تحول إلى صناعة شقيقة كصناعة الملابس “أو غيرها” وظلت أسباب الجناية تتفاقم دون أي نظرة من الحكومة بل أن الحكومة لجأت إلى تشجيع منتج إسرائيلي من أجل الحصول على مزايا لبعض رجالها الفاسدين فيما عرف ب”إتفاقية الكويز”.
النتيجة أن عشرات الآلاف من العاملين بصناعة الغزل والنسيج في القطبين العام والخاص فقدوا أعمالهم أولا وأن أبنائهم الذين كانوا مرشحين لهذه الصناعة فقدوا آمالاهم ثانيا, وأن موجات المعاش المبكر استنفدت قدرتها على إخراج العاملين مبكرا, ولو كانت هناك صناعة بديلة على مستوى الخامس, لاستوعبت هؤلاء ودفعتهم إلى الخروج.
على المستوى الرابع ظلت المشكلة تخنق مصر بالتراجع, كما يحدث في أزمات المرور, وعانت زراعة القظن وحلجه من مشكلات أخرى بسبب أسعار الغزول و ضياع هيبة “طويل التيلة” وسوقه…وعلى المستوى الخامس دفعت المشكلة بمصر إلى الإعتماد على سوق خارجية لإستيراد الملابس الجاهزة والنسيج والغزول وماكينات الملابس والاكسسوار بما يمثل ضغظ على العملات الأجنبية وعلى سعر صرف الجنيه المصري.
لكن أصعب ما في الموضوع أن الحق في العمل قد تآكل بنسبة لا تقل عن 10 في المائة كان يمثلها قطاع الغزل والنسيج وما يرتبط به من صناعات وزراعة وتجارة, بما في ذلك صناعة زيت الطعام من بذرة القطن التي كانت صناعة موازية لصناعة النسيج حتى أصحبنا نستورد زيت الطعام ضمن ما نستورد..وإنا لله وإنا إليه راجعون.
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا
رائع
تحليل أكثر من رائع..اللهم احفظ الدكتور الجوادي واكثر من أمثاله من اجل مصر