الرئيسية / المكتبة الصحفية / كفوا عن التجريب

كفوا عن التجريب

 

 

تاريخ النشر: ٢٠١١/٧/٣٠

تنتاب الوزراء المصريين عدوى غريبة تنتشر وتنتقل عبر الكراسى التى يجلسون عليها، وتناديهم أن يبذلوا جهودهم لوضع نظام جديد، وكأن النظم السابقة كلها كانت فاشلة، وتظل هذه ( النداهة ) تفعل فعلها فى الوزراء حتى يدخلوا إلى دوامة الفشل التى جربها أسلافهم، وهم لا يدرون أنهم قد دخلوا فى هذه الدوامة، ويحاول هؤلاء مقاومة الدوامة، لكنهم يكتشفون أن الأوان قد فات، وأن «النداهة» نجحت فى دفعهم إلى الدوامة القاتلة.

أقول هذا بمناسبة التصريحات الأخيرة التى نسبت إلى وزير كبير جدا فكرة توزيع أرض مصر على المصريين.. هل سمعتم هذا حدث فى أى حضارة أو فى أى دولة ؟ إنها فكرة قاتلة شبيهة بفكرة توزيع مال القطاع العام، أو قطاع الأعمال العام على هيئة أسهم أو كوبونات تباع مثلما بيعت ديون مصر، ثم تشتريها الدولة نفسها بما يتوافر لها فى المستقبل من موازنات.
وهكذا تظل الدولة تسرق أبناءها جيلا بعد جيل.. يجتهد التجار ورجال الصناعة ثم تؤمم الحكومة شركاتهم.. ثم تفشل فى إدارتها فتبيعها بثمن بخس للصوص والمحاسيب.. ثم يعيد هؤلاء بيعها للحكومة التى تدفع فيها ما استولت عليه بطرق أخرى من مدخرات الطبقة المتوسطة.. ثم تكرر الفشل مرة بعد أخرى.
خذ فكرة ثانية مثل فكرة توزيع البوتاجاز بالكوبونات.. هل فقد الوزير الكبير عقله كى يتصور أن أزمة أنابيب البوتاجاز هى أزمة كوبونات؟! ألم يعلم الوزير أن الكوبونات ستضاعف الأزمة ؟! هل يستبعد الوزير أن يطبع أقرب الأقربين إليه كوبونات مضروبة ويبيعها ويستولى على كميات كبيرة من المخزون ثم يبيعها بأسعار خيالية ؟! ماذا يفعل الوزير فى سلعة لا يلبى إنتاجها ( الذى احتكرته الدولة لنفسها ولأصهارها ) ولا يصل إلى احتياجات السوق ؟ أليس الحل البسيط هو زيادة العبوات.. وزيادة الإنتاج نفسه.
هل ستضمن الكوبونات زيادة فى العبوات أو فى الإنتاج ؟
أم إنه العبث من أجل ضخ مكاسب جديدة لمطبعة الكوبونات.. ومن خلق طبقة جديدة ترتبط بالوزير الجديد الذى يتمتع بعلم اقتصادى من المفترض أن يحميه من هذه الأخطاء.
من العجيب أن المصريين منذ منتصف عهد مبارك أصبحوا مغرمين بالتجريب.. حتى إنهم أنفقوا على مهرجان المسرح التجريبى فى دوراته المتعاقبة أكثر مما أنفقوا على بناء مساجد جديدة للمصلين الذين يصلون فى الطرقات والميادين العامة.. بعد هذا تتحدث الدولة عن قانون لدور العبادة الموحد.. لو جاء أجنبى إلى مصر وتأمل هذا العبث السياسى لطالب بتحويل مجالس الوزراء والبرلمان وغيرها إلى دور العلاج العقلى والنفسى.. لكنه سيفاجأ بعد قليل أن هذا الجنون الرسمى أداة وليس مرضا.ولله الأمر من قبل ومن بعد.

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حماس على طريق النصر

لما ظهرت حركة حماس إلى الوجود دارت مناقشات متعددة حول جدواها ومستقبلها، ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com