تاريخ النشر (الدستور): ٢٠١١/٧/٨
هل يمكن لنا أن نلتزم بحد أقصي للأجور أم أن الاجتهادات الهامشية المتكررة سوف تتحدث عن الأجر وعن الدخل وعن إمكانية زيادة الدخل عن الأجر وأن هناك (أجوراً ثابتة وأجوراً متغيرة وأجوراً طائرة… ألخ). من حسن الحظ أن القطاع الخاص الذي يتحدثون عن حريته في إطلاق الأجور لا يعطي إبداً أجواراً خيالية وإنما الذي يعطي الأجور الخيالية هو الجهاز الحكومي الفاسد.
في إحدي شركات قطاع الأعمال العام تم التعاقد مع فتاة صغيرة السن علي أنها خبيرة في نظم المعلومات نظير راتب شهري يوازي خمساً وعشرين ألفاً من الجنيهات فضلاً عن أشياء أخري كثيرة: سيارة وسائق وتجديد وصيانة للسيارة وموبايل واشتراك موبايل يدفع نقداً في حدود 700 جنيه في الشهر بينما لا يدفع أحد هذا المبلغ لأن الشركات العاملة في المحمول وفرت أنظمة حرة في حدود 400 جنيه تطلب بها من تشاء طوال الليل وآناء النهار (والتعبير مقصود) هذا فضلا عن تكاليف علاج مفتوحة وبدلات سفر وتكنولوجيا وبدل لمنادي السياراة … ألخ)، وفضلاً عن جهاز لاب توب ومصاريف تشغيله ثم مصاريف تبديله..
يحدث هذا إذاً من أجل شئ واحد هو أن يقوم والد الفتاة وهو عضو في مجلس الشوري بالدفاع «البطال» عن إدارة الشركة فاذا تغيرت إدارة الشركة فان الإدارة الجديدة قد تضحي بهذا الدفاع «البطال» وقد تستبقيه، وقد تستبدله بدفاع آخر شبيه يتقاضي نفس المميزات.. وقد (وهذا هو الأخطر) تضيف إلي هذا الدفاع شبيهاً له من دفاع «بطال» آخر.
يحدث هذا في الحكومة وفي شركات قطاع الأعمال العام وفي الشركات المشتركة التي يمثل فيها رأس المال العام وفي المشروعات التي تأسست لها موازنات خاصة وفي البنوك العامة والمشتركة وفي مكتبة الاسكندرية العامرة وفي كل مكاتب الوزراء والأجهزة الوهمية من قبيل أجهزة دعم اتخاذ القرار.
ويحدث هذا بصورة مضخمة في كل الإدارات التي تسكن القرية الذكية ويحدث هذا في أماكن كثيرة.
والنتيجة معروفة: احتقان مالي عند البعض حتي إنه لا يدري فيم ينفق ما يتحصل عليه ، وقد يتجه إلي الهروين من باب الدلع.. وذلك علي حساب فقر دم شديد ومزمن عند بقية أفراد المجتمع.. حتي إن المدرس الذي يعمل منذ عشرين عاما باتصال لا يصل إلي في العام كله أجر المحظوظين في يوم واحد.. وليس في هذا مبالغة.
وحتي إن الطبيب المتفوق الذي يعمل بالليل وبالنهار علي مدي عشرة أعوام لا يصل هو الآخر طيلة السنة كلها إلي أجر المحظوظ في يوم واحد.
هذه ليست مبالغات ولكنها تصوير دقيق للحدود القصوي في الحد الأقصي .
ومن العجيب أن طبقة المفسدين في مصر إذا فتح الباب أمامها للاستئناء فانها لا ترضي بحكم النفوذ إلا بالحد الأقصي علي هذه الطريقة.
وهذا هو جوهر المشكلة..
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا